artistes.marocains Zdjęcie profilowe

artistes.marocains

Powrót do listy Dodano 21 lip 2006

الفن والهوية عند الفنانة فريدا كاهلو

محمدسعود كتب"
لم تلق أية فنانة في العالم ما لقيته الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو Frida Kahlo من تقدير لأعمالها الفنية التي أصبحت محط اهتمام نقاد الفن. كما أن السينما لم تتجاهل حياة هذه الفنانة. والكل يتذكرالشريط السينمائي الذي عرض في جل القاعات في العالم والذي أدت فيه دور البطولة عارضة الأزياء الشهيرة المكسيكية اللبنانية الأصل "سلمى الحايك".




ولدت فريدا كاهلو سنة 1907 في إحدى ضواحي مدينة مكسيكو.درست الطب و تعرفت على رسام الجداريات الشهير دييغو ريفيراDiego Rivera (1886-1957) الذي كان له تأثير كبير في توجيهها إلى فن التصوير.وفي سنة 1926 تعرضت لحادثة سير مروعة بالحافلة حيث أصيبت بكسور كثيرة مما ألزمها الفراش.فصنعت لها والدتها أثافيا وألصقته بسريرها. وكانت تقضي جل أوقاتها في الرسم.

وفي سنة 1928 انخرطت في الحزب الشيوعي المكسيكي. وبعد سنة واحدة تزوجت بالرسام دييغو ريفيرا. ورغم زواجيهما كانا يعيشان في منزلين منفصلين. وفي سنة 1937 لجأ زعيم المناشفة "تروتسكي" إلى المكسيك فأقام في منزل فريدا المعروف بالمنزل الأزرق في ضواحي مكسيكو أي مسقط رأسها... وبعد سنتين انفصلت عن زوجها. ودام هذا الانفصال إلى أن توفيت سنة 1954 بعد حياة مليئة بالآلام والمعاناة تاركة أكثر من150 لوحة يصنف النقاد ثلثها ضمن الرسوم الذاتية.

وتتميز الأعمال التي تركتها فريدا كاهلو بصغر حجمها واتخاذها لقطع معدنية سندا بدل القماش أو الورق.فهذه القطع المعدنية الصقيلة تتناسب مع جسدها الأملس الذي كانت مولعة به إلى درجة أن طبعها بالنرجسية.

ورغم أن النقاد يصنفون أعمالها ضمن الاتجاه السريالي ، فإنها تقول في سيرتها الذاتية:" لم أرسم أبدا أحلاما ، بل أرسم واقعي الحقيقي فقط ." هذا الواقع الذي تراه مجسدا في ملامح وجهها، وفي جسدها المثخن بالجراح الذي حاولت أن تنقل تفاصيله التي يعكس ظاهرها الباطن، وحاجباها المقرونان كأنهما غراب ينعى تلك النظرات، وشفتاها المنقبضتان تعبير عن مأساتها و تحملها لألام شديدة تمزق جسدها الغض الطري.إنها بكل بساطة وتلقائية في التعبير فنانة مثخنة بالجراح وتعيش اضطرابا نفسيا وعالما غرائبيا يجمع بين الكثير من المتناقضات ..هذا العالم الذي يتشكل من جسد تعلقت به إلى درجة الجنون، ونفسية ممزقة بين الذكورة والأنوثة بشذوذها الجنسي. ..كل هذه الصور الذهنية نلمسها في جل لوحاتها خاصة في لوحتيها "الأيل المجروح" و"السرير الطائر". كما أن فريدا كاهلو لم تنس في أعمالها هذه ارتباطها بوطنها المكسيك.
ففي لوحتها " بين حدود المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية" نجدها تتوسط اللوحة واقفة بزهو وإباء بين عالمين متناقضين، عالم مكوناته آثار تاريخية لحضارة الهنود الحمر، تقف بشموخ لتناطح السماء التي تتشكل من سحابتين تتعانقان فيما بينهما, سحابة للشمس وأخرى للقمر. فيحدث انسجام وتناغم بين العمران والطبيعة. وتحاول فريدا أنسنة العنصرين المضيئين أي الشمس والقمر بإضفاء ملامح وأحاسيس إنسانية عليهما ، حيث يتلامسان ويتعانقان كانهما عشيقان، فيومض البرق بضوئه لينير سماء هذه الحضارة التي تقوم في اللوحة وقامت أيضا في الواقع على أرض كلها خصوبة وعطاء.

أما العالم الثاني الذي تصوره "فريدا كاهلو" فهو عالم الولايات المتحدة الأمريكية الذي تنتصب فيه بدل الآثار المصانع التي تنفث دخانا كثيفا يلوث الجو ، وبدل الجذور في ارض المكسيك التي تعبر عن إيغال الحضارة في القدم ، نجد خيوطا كهر بائية اصطناعية ترتبط بكاشف الضوء الذي تنتظر منا الفنانة "فريداكاهلو" إشعال الومضة لنلتقط لها نحن كمتلقين لعملها الفني صورة وهي عروس في أبهى حلتها تقف بين عالمين متناقضين، حاملة راية بلدها بيد وراية الولايات المتحدة الأمريكية بيد أخرى, وبين أصابعها سيجارة ترمز لمخلفات هذه الحضارة القاتلة وأيضا لاحتراق الفنانة لأن السيجارة لازمت "فريدا" في الكثير من أعمالها إلى درجة أنها أصبحت من المكونات الأساسية لأعمالها.

هكذا استطاعت الفنانة " فريدا كاهلو" أن تعبر عن حضارة شعبها بابرازالتناقضات بين عالمين متجاورين جغرافيا ، عالم قضت فيه فترة من الزمن مع زوجها " دييغو ريفيرا" قبل انفصالهما ، وعالم ارتبطت به جسدا وروحا. هذا الارتباط بالوطن سجلته في جل لوحاتها ،وذلك برسمه على شكل جذور طبيعية أو خصلات شعرها التي تغوص في الأرض ، فتتوحد بذلك الذات والوطن . ومما يزيد من عمق هذا الارتباط هو أن اللون اللحمي الذي تلون به جسدها هو لون التراب في كل لوحاتها .
إضافة إلى مفردات أخرى طبعت جل أعمالها كالقلب والعمود الفقري ، والقطرات التي تتشكل من دموع تترقرق في عينيها ، أو لبن أو من لبن يدره ثدياها ، أو تظهر دما ينزف من جرح غير ملتئم في جسدها.

بهذه العناصر كانت الفنانة " فريدا كاهلو " تعبر عن حياتها الغامضة التي أثارت الكثير من التساؤلات حول حياة امرأة في منتهى الغرابة: امرأة ترسم لوحات بأحجام صغيرة تزوجت برسام أكبر جداريات عرفتها المكسيك . زواج ولكن في منزلين منفصلين .إضافة إلى شذوذها الجنسي الذي كان له انعكاس على أعمالها ، وقد عبرت عنه لا شعوريا في تعلقها الشديد بجسدها الذي كانت تقضي جل أوقاتها أمام المرآة لتنقل تفاصيله الظاهرة والخفية بأسلوب سو ريالي يركز على الطاقة الباطنية لا على الشكل.

محمد سعود

"

Artmajeur

Otrzymuj nasz biuletyn dla miłośników i kolekcjonerów sztuki